موريتانيا.. حلم تصدير الغاز الطبيعي الذي قد يُغيّر واقع البلاد اقتصاديا يتأجل في كل مرة

 موريتانيا.. حلم تصدير الغاز الطبيعي الذي قد يُغيّر واقع البلاد اقتصاديا يتأجل في كل مرة
نواكشوط - حسام خلف 
الأثنين 14 أكتوبر 2024 - 12:00

بخطى حثيثة، تسعى موريتانيا لتكون على خارطة الدول المصدرة للغاز المسال بداية العام 2025، هذا ما أكده وزير الطاقة والنفط الموريتاني محمد ولد خالد خلال كلمة له في افتتاح المنتدى الاقتصادي الموريتاني السنغالي الذي نظم في العاصمة السنغالية دكار نهاية شهر شتنبر وبداية شهر أكتوبر الجاري، وهو يتحدث عن المشاريع الاستثمارية المشتركة بين البلدين والتي يعتبر مشروع الغاز "السلحفاة آحميم الكبير" أبرزها، مشيرا إلى أن نسبة تقدم أعمال المشروع تجاوزت أكثر من 95% مع توقع بدء الإنتاج بداية العام المقبل دون تحديد أي شهر بالضبط.

المشروع المشترك بين موريتانيا والسنغال، والذي يراهن عليه البلدان لدخول سوق الغاز العالمي وتحقيق طفرة اقتصادية، وصل لمراحل تحضيره الأخيرة وتتم تصفيته في منصة عائمة في عمق المحيط الأطلسي على بعد أزيد من 60 كلم من آبار الغاز والتي تصنف من بين أكبر السفن في المنطقة، حيث استغرق إنشاؤها أزيد من ثلاث سنوات في الصين، كما استمرت رحلتها أربع سنوات قبل أن ترسو في مكان استقرارها النهائي، شهر مايو الماضي، للعمل على تصفية الغاز من الشوائب قبل إحالته للمرحلة الأخير للتصدير، في انتظار أن تنتج المنصة العائمة أكثر من مليوني طن سنويا من الغاز، حيث تعمل على تنفيذ المشروع شركة BP البريطانية British Petroleum بالتعاون مع شركة كوسموس إنيرجي الأمريكية.

ويتقاسم البلدان نسبة 17% من عائدات المشروع. للسنغال النصيب الأكبر 10% فيما تمتلك موريتانيا نسبة 7%، وشركة BP المشغل الرئيسي للمشروع تبلغ حصتها 56%، فيما تحظى كوسموس بنسة 27% من المشروع الذي تم الإعلان عن اكتشافه مطلع عام 2015. 

وكانت موريتانيا وجارتها السنغال قد وقعا عام 2019 اتفاقية مشتركة يتم بموجبها استغلال حقل غاز "السلحفاة أحميم الكبير" والذي تبلغ احتياطاته نحو 25 تريليون قدم مكعب. ويعتبر مشروع السلحفاة أول مشروع مشترك للغاز بين البلدين، لكن موريتانيا تمتلك لوحدها حقولا ضخمة تقدر طاقتها بـ 100 تريليون قدم مكعب.

الخبير الاقتصادي الحسين عمر أكد في تصريح "للصحيفة" أن موريتانيا مقبلة على مستقبل مشرق إذا ما استغلت عائدات الغاز المنتظرة بشكل حصيف، ويضيف: "لحد الساعة لا يمكن التكهن بمتى سيحدث ذلك، فقد تم تأجيل بدء التصدير عدة مرات، كان آخرها الاعلان عن بدء تصدير أول شحنة بداية 2025 بدل الربع الثالث من 2024".

وبخصوص عائدات الغاز قال الحسين إنها ستأخذ عدة أنماط وأشكال، منها الشكل المباشر المتمثل في التوزيعات النقدية، والتي أعلن الرئيس في خطاب تنصيبه قبل أشهر أنها ستستمر، وهذا سيكون أثرا سريعا لعائدات الغاز بحسب تقديره. 

كما أضاف: "هناك آثار متوسطة وطويلة الأمد ستتمثل في الاستثمار العمومي في التعليم والصحة حيث سيستفيد المواطن من التحسن الذي ستعرفه هذه القطاعات.

الحسين أشار إلى أنه إذا ما وجهت العائدات إلى القطاعات ذات الأولوية مع معالجة إشكال الفساد والنهب فإنه لن يبقى هناك عائق كبير يخشى منه في وجه الاستغلال الأمثل لعائدات الغاز.

ومن أبرز الحقول الخالصة لموريتانيا، حقل باند (Banda) للغاز الطبيعي في الحوض الساحلي الموريتاني الذي وبعد أن اكتشفته شركة وود سايد الأسترالية (woodside Energy) عام 2002 مع توقعات بوصول احتياطه الإجمالي القابل للاستخراج إلى أكثر من تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، تنازلت عنه من بين عدة اكتشافات صغيرة من النفط والغاز في المنطقة كانت تعمل على تطويرها وتعاقبت عليه شركتا بيتروناس (Petronas) وتيلو ويل (Tullow Oil).

وبدأ التخطيط لدراسة المشروع لاستغلال الحقل في إنتاج الكهرباء الذي اهتمت به عدة شركات صناعية موريتانية إضافة إلى دولتي مالي والسنغال المجاورتين. وبعد اكتمال الإجراءات وتحديد عام 2016 كموعد لبداية الاستغلال أعلنت الشركة المشغلة وتيلو ويل (Tullow Oil)انسحابها من المشروع دون إعطاء تبريرات مقابل صمت وزارة الطاقة حينها وعدم توضيحها الأمر للرأي العام. ومنذ ذلك الحين توقف المشروع قبل أن يرى النور من جديد بعد أن منحته الحكومة الموريتانية بالإضافة إلى حقل "تفت" لمجموعة شركات إماراتية ومصرية بدأت في عرض الحقل على شركائها للحصول على التمويل للبدء في تطويره لاستخراج أكثر من تريليوني قدم مكعب من الغاز الطبيعي.

كما كانت شركة BP قد تولت مهمة دراسة جدوى استغلال وتطوير حقل "بير الله" الخالص لموريتانيا والذي تقدر احتياطاته بـ 80 تريليون قدم مكعب لكنها أكملت قبل أشهر الفترة الزمنية المحددة دون تقديم خطوات ملموسة وطلبت بتمديد 3 سنوات إضافية الأمر الذي رفضته موريتانيا، ولحد اللحظة لا يزال البحث جار عن شركة تتولى تطويره ولا تزال موريتانيا عاجزة عن استغلال أو الاستفادة من هذا المخزون الهائل الذي ربما يعبر بالبلاد إلى بر الدول الغنية إذا ما نجحت في استغلاله.

الصحفي المختص في الشأن الاقتصادي محمد اكه أشار في تصريح لـ "الصحيفة" أن موريتانيا تواجهها تحديات تقنية وتكنولوجية وإدارية لا يمكن نكرانها، لكنه أكد على أن التحدي الأبرز هو في الحوكمة الرشيدة والتسيير الجيد والفعّال من خلال توجيه هذه العائدات لاستثمارات متجددة كالصناعة والزراعة والصيد والتنمية الحيوانية.

الصحفي المختص في الشأن الاقتصادي توقع أن تساهم هذه العائدات في المساهمة في العجز في الميزانية السنوية الذي تعاني منه البلاد وزيادة احتياطي العملة الصعبة التي كانت تصرف لاستجلاب المحروقات وخفض تكلفة الكهرباء المنزلي يضيف نفس المتحدث.

ويتطلع الموريتانيون لأن تساهم احتياطات الغاز إذا ما عرفت طريقها نحو الاستغلال والتصدير أن تسهم في تحسين الظروف المعيشية وتخفف من حدة الفقر ونسبة البطالة عبر توفير فرص تشغيل للشباب، كما تسعى الحكومة الموريتانية للاستفادة من هذه الثروة في مجال الصناعة أساسا بالاضافة إلى الوصول إلى هدف كهربة كل بيت مع حلول عام 2030.

هل سيغير قرار محكمة العدل الأوروبية من واقع ملف الصحراء؟

قضت محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي بـ" بإبطال" اتفاقين تجاريين يتعلقان بالفلاحة والصيد البحري بين الرباط والاتحاد الأوروبي بشكل نهائي. المحكمة التي يوجد مقرها بلوكسمبورغ وتسهر على "تطبيق" قانون الاتحاد الأوروبي ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...